تزايدت في الفترة الأخيرة الشكاوى حول الإعدادات الافتراضية التي تقوم شبكات التواصل الاجتماعي بتثبيتها على حسابات المستخدمين لهدف واحد صريح، وهو استفادة هذه الشركات من المعلومات التي تقدمها هذه الإعدادات.
قد تكون هذه الإعدادات -مثل تتبع المكان- مفيدة لبعض التطبيقات مثل تطبيق توصيل الطلبات، ولكن فائدتها للمستخدم على مواقع التواصل الاجتماعي أقل بكثير من فائدتها لهذه المنصات. ولكن هل هناك طريقة لتغيير هذه الإعدادات لتعمل لصالحنا كمستخدمين؟
وفي تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال (wsj) الأميركية، قالت الكاتبة جونا ستيرن إن معظم الأشخاص لا يغيرون الإعدادات الافتراضية في تطبيقات الوسائط الاجتماعية أو أي تطبيقات أخرى.
فمثلا، تغيير إعداد الإعجاب وعدد مرات مشاهدة الفيديو في إنستغرام (Instagram) يمكن أن يحدث فرقا بين بيئة وسائط اجتماعية صحية وبيئة سامة لها تأثير سلبي على الصحة العقلية، خاصة للأطفال.
وليس هذا الإعداد فقط، فإعدادات الوسائط الاجتماعية الجاهزة تجعلك على اتصال دائم بخلاصاتك ومشاركة بياناتك الشخصية. والعديد من هذه الإعدادات الافتراضية تفيد فيسبوك (Facebook) أكثر من المستخدم.
وبحسب التقرير، رفض جو أوزبورن المتحدث باسم فيسبوك في البداية التعليق على مشكلة الإعدادات الافتراضية في تطبيقات الشركة، ولكن بعد اختبار إعداد إخفاء الإعجاب على إنستغرام على مجموعة من المستخدمين، وجد بعضهم أن إخفاء الإعجابات مفيد للصحة النفسية، لذلك نشرت الشركة في مايو/أيار أنها تمنح الخيار للمستخدم في حالة رغب في تغيير الإعداد الافتراضي.
وفي جلستين لاحقتين في الكونغرس، سأل المشرعون عن كيفية عمل فيسبوك وإنستغرام، وتحديدا الطرق التي تم تصميم التطبيقات والخوارزميات بها لربط الأجيال الشابة.
وتقول الكاتبة إن الكثير من المشرعين جادلوا بأن تكتيكات هذه المنصات تشبه تكتيكات شركات التبغ الكبرى لترويج سلعتها.
ويقول التقرير إنه على عكس السجائر، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لها فوائد حقيقية، لكن عيوبها سيئة بما يكفي لدرجة أن مجموعة كبيرة من الناس من مختلف الأطياف السياسية يتفقون على أن الحلول مطلوبة لوقف هذا التأثير السيئ. وقد تبين أن بعض هذه الحلول موجودة بالفعل على هواتفنا، ولكن تم دفنها بعيدا أو إيقافها.
ولكن ماذا لو غيرت القوانين ذلك؟ وأجبرت الشركات على إعطاء الحرية للمستخدمين في تغيير الإعدادات؟
قلل من الإدمان
وتساءلت الكاتبة في التقرير عن كيف سيبدو تطبيق الوسائط الاجتماعية غير الإدماني؟ وتجيب بأنه ما عليك سوى قراءة قانون تصميم وسلامة الإنترنت للأطفال -المعروف أيضًا باسم “كيدز آكت” (KIDS Act)- والذي يهدف إلى حماية الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عامًا أو أقل من تقنيات التسويق المتلاعبة وميزات التصميم الخطيرة والخوارزميات الضارة.
يذكر القانون في إحدى مواده أن “علينا حظر دفع الإخطارات، وعلينا حظر التشغيل التلقائي، كما يتعين علينا حظر هذه الأنواع من أدوات التسويق التي تستخدمها هذه المنصات في الوقت الحالي”.
ويقول التقرير إن أي شخص يرغب في أخذ استراحة من شلال الوسائط الاجتماعية اللامتناهي، يعرف أن تعطيل بعض هذه الميزات يمكن أن يساعد في إيقاف الإدمان، ولكن عليك أن تعرف أولا كيف تغير هذه الإعدادات. فعلى سبيل المثال، هل تعلم أنه يمكنك إيقاف جميع إشعارات إنستغرام مؤقتًا لمدة تصل إلى 8 ساعات في التطبيق؟ يمكنك ذلك عن طريق الذهاب إلى الإعدادات ثم الإخطارات والضغط على إيقاف الكل مؤقتًا.
حدد الخوارزميات
ويوضح التقرير كيف تعمل الخوارزميات على تشغيل وترتيب المشاركات في حساباتنا. فمنذ سنوات ابتعد فيسبوك وآخرون عن الخلاصات الزمنية التي ترتب المشاركات من الأحدث إلى الأقدم.
الآن يتم ترتيب ما نراه بواسطة أنظمة الحاسوب التي تستخدم بياناتنا الشخصية وعاداتنا، لتحديد المحتوى الذي سيكون أكثر جاذبية لنا.
هذا ليس دائما شيئا سيئا. لست مضطرًا لتحمل مئات المنشورات التي قد تكون مملة، لكن هذه الأنظمة نفسها يمكن أن تنشر محتوى سيئا ومعلومات مضللة.
يقدم فيسبوك موجزًا ”حديثًا” أو موجزًا زمنيًا، ويعطيك الخيار لوقف الإعداد الافتراضي، ولكن على الرغم من جهود الشركة لتحسينه، لا يزال الإعداد على جهاز آيفون (iPhone) صعب الوصول له، ولا يعمل بالشكل المطلوب.
كما لا يقدم إنستغرام بديلاً للتغذية بحسب الترتيب الزمني، أما على تيك توك، فبجانب خلاصة “فور يو” (For You) التي تسبب الإدمان والتي تعمل بالخوارزمية، توجد الخلاصة التالية (Next) والتي تعرض الحسابات التي تتابعها فقط. حتى في هذه الخلاصة، لا يزال تيك توك يستخدم الخوارزميات لعرض مقاطع الفيديو التي يعتقد أنك سترغب في مشاهدتها أكثر.
ويرى التقرير أن اختيار المستخدم عناصر التحكم وحدها لن يحل مشكلة تضخيم الخوارزميات، ولذلك يدفع بعض المشرعين لمزيد من تنظيم الخوارزميات نفسها، ومراجعة القسم 230 من قانون النشر الإلكتروني، وهو القانون الذي يحمي المنصات عبر الإنترنت من أن تكون مسؤولة عن المحتوى الضار المنشور على مواقعها. ويعد قانون العدالة ضد الخوارزميات الضارة الذي تم تقديمه الأسبوع الماضي، أحدث مثال على ذلك.
الحدّ من جمع البيانات
ويذكر التقرير أنه في تطبيق إنستغرام، إذا انتقلت إلى الإعدادات ثم الإعلانات وضغطت على بيانات حول نشاطك من الشركاء، فإن من المحتمل أن تجد المعلومات التي يتم مشاركتها مع مزودي الإعلانات على فيسبوك.
وهذا يعني أنه في الخلفية، يستخدم فيسبوك بيانات عنك من تطبيقات ومواقع ويب أخرى وحتى من العالم الحقيقي لتحديد الإعلانات التي تتعلق بها. ويتم تفعيل إعدادات مماثلة في تيك توك (TikTok) وتويتر (Twitter) وسناب شات (Snapchat).
ويقول التقرير إن بعض قوانين الخصوصية الوطنية المقترحة حديثا تريد تغيير ممارسات مثل هذه. فقانون شفافية المعلومات والتحكم بالبيانات الشخصية الذي قدمته النائبة سوزان ديلبيني، يقوم على معرفة الإعدادات الافتراضية في تطبيقات الوسائط الاجتماعية الخاصة بك، والتي ستكون مفيدة للغاية لك أو لعائلتك؟
بالنسبة للأطفال، أعاد السيناتور إد ماركي والسيناتور بيل كاسيدي تقديم قانون حماية خصوصية الأطفال والمراهقين عبر الإنترنت، أو ما يعرف باسم “كوبا 2.0” (COPPA 2.0)، والذي من شأنه أن يوسع حماية الخصوصية الحالية للمستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا، وذلك عن طريق حظر الإعلانات المخصصة للأطفال تمامًا.
والسؤال الذي يطرحه التقرير هو: ما الخطوات التي سنراها في المستقبل لوقف هذه الممارسات. وحول هذا يقول جيسي ليهريتش المؤسس المشارك لاكونتابل تيك (Accountable Tech)، وهي منظمة غير ربحية ذات توجه تقدمي مكرسة للسيطرة على عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي، “سأصاب بالصدمة إذا تمكن هذا الكونغرس من تمرير قانون خصوصية فدرالي شامل.. لكنني أعتقد أن مشاريع قوانين مثل قانون كيدز آكت تستهدف بشكل مباشر تلك الميزات المتلاعبة”.
المصدر :aljazeera